السبت، 27 مايو 2017

قواعِدُ العِشق الأربَعون لـ ألِف شَفَق


إِن هذا الكِتاب إحدى الكُتُب التي ابتَعتُها مِن أزِقة وشوارِع الاسكَندريةِ بمصر. حيث أجِدُ في هذه الكُتب ما يشدني من نواحٍ عِدة! حيثُ أن مَصر لازالت تَهتَم بالكُتُب والتعليم، فَتَجِدُ الشارع مُكتَظاً بالباعة. والناحِية الأُخرى أسعارُ هذهِ الكُتُب رَمزِيَة مُقارَنَةً بِالكُتُب عِندَنا ورُبَما السبب -غَيرَ إنَها طِباعة مَصرِية- الجوّدة؛ فَهي غَيرّ مُكلِفة الطِباعَة لكِن ليسَت مُهتَرِئَة كذلِك. فَتِلكَ الأوراق الصُفراء مُريحة لِلنَظَرِ والقِراءة.

بَعدَ الانتِهاء من هذا الكِتاب، لا أَعرِف تَماماً عَمّا أشعر! فَمشاعِري مُختَلَطَة! فَلا أعرِف هَلّ السَبَب هُوَّ الصَدمَة من القِصص العربِيّة التاريخية ودَمَوِّيَتها! أمّ لأنَني كُنتُ أنتَظر تغطِية جَميع الأحداث التي تَتَعَلَق بِجميع الشخوص الفَرعِيّة!

كَالعادَة! انبَهرتُ بِأسلوبِ الكِتابَة فَلمّ أُقاوِم! فَفِي أَوَّلِ يوّم مِن قِرائَتي لِهذا الكِتاب، تَجاوَزتُ المائتيّ صَفحَة، والمَرة الأُخرى تَجاوَزت الثلاثُمائَة صَفحَة! فِعلاَ إنَني عَشِقت أسلوب كِتابة "أَلِف" فَهِيَّ تَعرِف كيف تَشُدُني!

طَرِيقة سَرّد الرِواية كانَت مِن مَنظورِ كُل شَخص في القِصة، مثالاً على ذَلِك، جَلال الدين الرومي وكَيفَ يَحّكي الأحداث، شَمس الدّين التَبريزي وكَيفَ يَحكيها وهكذا. وفي نِهايةِ كُلِ حَديث لِشخصِ جُملَة تَشُدُكَ لِقراءةِ المَزيد! لِتَعرِفِ ماذا حَدَث لَه؟ ماذا سَيَحدُث لِهذا؟

بَيّنَما في أساسِ هذهِ الرِواية، هيَّ سّيِدة أربيعينية، تَعيش حَياة روتينية جِداً، خالِية مِن الانجازات غَيّرَِ إِنهاءِ دِراسَتِها وكِتابَة بِضعُ مَقالات قَصيرة لِبَعضِ المَجلات والصُحُف، وتَربية ثَلاث أطفال بِالإضافَةِ إلى زَوجُها الذي قَلَّما يَهتَمُ بِها. فَتحصُل السَيِّدة على رِواية "الكُفر الحُلو" لِتَقييمِه لأَحَد الوِكالات الأدَبِية، فَيَكون لِهذا المَخطوط وَقعٌ على قَلبِها الذّي فَتَحَ عَينيّها لِأمور كَثيرة كانت لا تَهتَم بِها أو تتجاهلها لسِببٍ أو لآِخر.

عَن نفسي، فَكُل ما شَدَنّي بِهذه الرِواية هُوَّ "الصوفِيّة" ورُبَما هذِه هي الرِسالة الأولى التي يَتِم تَوجِيهُها، فَأنا لِأوَل مَرّة أعرِف عن الصوفِيّة لكِنَني أَحبَبت المَبادِئ المَبنِيَّة عِليها، فَهيَّ أَحد الرَكائِز بِدينِنا الإسلامي، لكِن الجَميع يَتَجاهل هذِه الأمور ويُرَكِزون على أُمور أُخرى! الدين الإسلامي كامِل وشامِل كَما نَزَلَهُ الله سُبحانَهُ وتَعالى، إسلام، وأَخّلاق، وإيمان، وشَريعَة، وإحِسان وأمور أُخرى رُبَما أَجهَلُها أو نَسيتُها. الصوفية تُرَكِز بِشَكِل كبير على الإحسان حَسبَما فَهمت. جَميل لو أَنّ جَميع المُسلِمين أَتموا الإسلام بِالشَكل الصَحيح! فَالمُسلمين اليوم فَقط بالاسم! وأهم جانِب اهتَمَ بِه الكَتاب هو الخِلافات بين المُسلمين نَفسُهُم والمَسيح نَفسُهُم وكل المَذاهِب والأديان، فَالناس يُريدونَ مُحارُبة بَعضُهُم البَعض وحَسب! والتَعَصُب، فَيعصبون أعينَهُم عن المُهم ويُرَكِزون على التَكفير وتَوزيع الأقدار على الناس، "دَعوا الخَلقَ لِلخالِق"!

كُنتُ أتَمنى لَوّ أنني اشتَريتُ "لَقيطَة اسطَنبول" لِأبدأَ بِه، لكِن سَنَبدَأ بِالمَوجود "الخيميائي" والذي أنا حقاً مُتحمسة له!

ورَمَضّان كَريم :)

الجمعة، 19 مايو 2017

حَلِيب أَسْوَد لـ أَلِف شَفَق




بِالرُغم مِن نَقدي الحاد لِكثيرٍ مِن الكُتُب والرِوايات وطَريقَةِ عَرضِها وما إلى ذلِك، إلا أنَّ هذهِ الرِواية والكاتِبة بِالذات شَدَتني شَداً قوياً، وذلِك لتِشابُه بَعض السِمات الشَخصية بيني وبينَ "أَلِف" وطَريقةِ التَفكير إلى حَدٍ ما وطَريقة التَحليل أحياناً، هذا نادر ما أجِده ولَم أجِده أَصلاً بَينَ الناس أو الكُتاب أو أيّ أحد.

على فِكرة! اسمُها هوَ "أَلِف شَفَق" ولَيسَ إليف شافاك او إلف شافاق كما يُكتب بالانجليزية. أَلِف أيّ حَرفُ الأَلِف بِالعَرَبِيَّة أو العُثمانِيَّة كما ذَكَرَت و شَفَق أي الفَجر وهو اسمُ والِدَتُها ولَيسَ لَقبُها الحَقيقي إنَما اسمُ الشُهرةِ خاصَتها، وذَكَرَت هذا كأَحدِ التَفاصيلِ في هذا الكِتاب.

استَمتَعتُ بِالرِواية كَثيراً في الحَقيقةِ لكنَني انزَعَجتُ قَليلاً في بعضِ المُقتَطفات المُطَولة عَن خَلفيَةِ الكاتِبات اللاتي تَقرَأ لَهُن "ألَِف". وكَذلِك انزَعَجتُ مِن خَلفِياتِهن الغالِبة عَليّهِن الكَآبة والبُؤسَ والمشاعِرَ السَلِبيَّة ونِهاياتٍ بائِسَة جِداً بِالنِسبَة لي.

كُنتُ أَخشى نِهايَة هذهِ الرِواية وهذا الاستِمتاع لدَرجة إِنني بَدأتُ بِقِراءة هذهِ الرِواية مَساء الثُلثاء وَأنهَيتهُا صَباحَ الجُمعَة أَيّ في ثَلاثِ لَيالٍ فَقَط بِمُعَدلِ ٣-٤ ساعات في اللَيّلَة الواحِدَة، حَيّثُ أن الكِتاب يَتَأَلف مِن ٣٩٧ صَفحَة و٧ فُصول، لكنَ الفَصلَ الأخير أقصَرَهُم فَأنهيتُ ٣ فُصولٍ معاً، تَنَوَعَتْ بينَ خَلفِيَة عن الكاتِبَة وخلفية عن المُترجِم ومُؤلفاتِه والرِواية ذاتِها.

وللهِ الحَمد، كانَت نِهايَتُه جَميلَة ومُتفائلة، لا ننسى إن هذا الكِتاب هو عِبارَة عَن مُذكرات الكاتِبَة التي مَرَت بِمراحِل عَديدة بَدئاً مِن رَفضِها التام لِفِكرَة الزواج لِحدِ مُنتَصَف ثَلاثيناتِها والوُقوع بِالحُب فَجأَة وإنجابِ طِفلَيّن، وَكَيّف كان للإكتِئاب دور في تأليفها لهذا الكِتاب.

تَتَحَدَث "ألف" بِصورة شَخصِيَة جِداً وبأريَحية في شَرح بَعضِ الجوانِب الشَخصِية التي مَرتْ بِها عَبرَ هذهِ الفتَرة وشَبَهَتْ جَوانِب اهتِمامِها كالطُموح والتَدَيُّن والثَقافَة وثلَاث آخَرين بِبَنات الأصابعِ، بَنات صَغيرات ضَئيلات الحَجم تَراهُن هيَّ فَقَط وتَتَحدث مَعَهُن كل على حدىٍ على حَسبِ مايَعتَريها مِن مَوقِف أو حالة.

للكاتِبَة عِدة جَوانِب أُخرى لاحَظتُها وهي لَم تُرَكِز عَليّهم كَما رَكَزَتْ على "بناتِ الأصابِع"، أحَدهُم بُعدها السياسي واطِلاعِها عَليه لِحَد كَبير، حَيثُ أنَها شَبَهَتْ تَضارُبَ بَنات أفكارِها في ذِهنِها بِالأَنظِمة السياسِية كالديمُقراطِيةَ والدِكتاتورِية والنِظام المَلكي. كما لاحَظتُ انها مُتدَيِّنَة إلى حَدٍ ما لكِنَها تَعيش إلى حَدٍ كَبير كالأوروبيين، وجَدَتُها (أم أبيها) مُتَدَيِّنة بِشكل كَبير جِداً وهذهِ أمور تَقريباً استغرَبتُ منِها كونُها في مُجتَمَع تُركيّ أوروبيّ وبالأخَص الفَترَة ماقَبلَ "رَجب طَيب أردوغان".

أُعجِبتُ بِطريقة الكاتِبة وهَدفي القادِم كِتاب "قواعِد العِشق الأربعون" وهيَّ رواية عن جَلال الدين الرومي. وينتابُني فُضولٌ شَديد حَول "لَقيطَة اسطَنبول" ولاسِيَّما أنَ لهُ تَأثيراً كَبيراً في حياتِها العَمَلِية. بالرُغم إنَني حِينَ اشتريت هذا الكِتاب وكان الكِتابُ الآخر في الجِهة الأُخرى رفضتْ نَفسي تَشتَريه لأن عُنوانُه لَم يُعجِبني واعتَرض على هذا النَوع.