السبت، 27 مايو 2017

قواعِدُ العِشق الأربَعون لـ ألِف شَفَق


إِن هذا الكِتاب إحدى الكُتُب التي ابتَعتُها مِن أزِقة وشوارِع الاسكَندريةِ بمصر. حيث أجِدُ في هذه الكُتب ما يشدني من نواحٍ عِدة! حيثُ أن مَصر لازالت تَهتَم بالكُتُب والتعليم، فَتَجِدُ الشارع مُكتَظاً بالباعة. والناحِية الأُخرى أسعارُ هذهِ الكُتُب رَمزِيَة مُقارَنَةً بِالكُتُب عِندَنا ورُبَما السبب -غَيرَ إنَها طِباعة مَصرِية- الجوّدة؛ فَهي غَيرّ مُكلِفة الطِباعَة لكِن ليسَت مُهتَرِئَة كذلِك. فَتِلكَ الأوراق الصُفراء مُريحة لِلنَظَرِ والقِراءة.

بَعدَ الانتِهاء من هذا الكِتاب، لا أَعرِف تَماماً عَمّا أشعر! فَمشاعِري مُختَلَطَة! فَلا أعرِف هَلّ السَبَب هُوَّ الصَدمَة من القِصص العربِيّة التاريخية ودَمَوِّيَتها! أمّ لأنَني كُنتُ أنتَظر تغطِية جَميع الأحداث التي تَتَعَلَق بِجميع الشخوص الفَرعِيّة!

كَالعادَة! انبَهرتُ بِأسلوبِ الكِتابَة فَلمّ أُقاوِم! فَفِي أَوَّلِ يوّم مِن قِرائَتي لِهذا الكِتاب، تَجاوَزتُ المائتيّ صَفحَة، والمَرة الأُخرى تَجاوَزت الثلاثُمائَة صَفحَة! فِعلاَ إنَني عَشِقت أسلوب كِتابة "أَلِف" فَهِيَّ تَعرِف كيف تَشُدُني!

طَرِيقة سَرّد الرِواية كانَت مِن مَنظورِ كُل شَخص في القِصة، مثالاً على ذَلِك، جَلال الدين الرومي وكَيفَ يَحّكي الأحداث، شَمس الدّين التَبريزي وكَيفَ يَحكيها وهكذا. وفي نِهايةِ كُلِ حَديث لِشخصِ جُملَة تَشُدُكَ لِقراءةِ المَزيد! لِتَعرِفِ ماذا حَدَث لَه؟ ماذا سَيَحدُث لِهذا؟

بَيّنَما في أساسِ هذهِ الرِواية، هيَّ سّيِدة أربيعينية، تَعيش حَياة روتينية جِداً، خالِية مِن الانجازات غَيّرَِ إِنهاءِ دِراسَتِها وكِتابَة بِضعُ مَقالات قَصيرة لِبَعضِ المَجلات والصُحُف، وتَربية ثَلاث أطفال بِالإضافَةِ إلى زَوجُها الذي قَلَّما يَهتَمُ بِها. فَتحصُل السَيِّدة على رِواية "الكُفر الحُلو" لِتَقييمِه لأَحَد الوِكالات الأدَبِية، فَيَكون لِهذا المَخطوط وَقعٌ على قَلبِها الذّي فَتَحَ عَينيّها لِأمور كَثيرة كانت لا تَهتَم بِها أو تتجاهلها لسِببٍ أو لآِخر.

عَن نفسي، فَكُل ما شَدَنّي بِهذه الرِواية هُوَّ "الصوفِيّة" ورُبَما هذِه هي الرِسالة الأولى التي يَتِم تَوجِيهُها، فَأنا لِأوَل مَرّة أعرِف عن الصوفِيّة لكِنَني أَحبَبت المَبادِئ المَبنِيَّة عِليها، فَهيَّ أَحد الرَكائِز بِدينِنا الإسلامي، لكِن الجَميع يَتَجاهل هذِه الأمور ويُرَكِزون على أُمور أُخرى! الدين الإسلامي كامِل وشامِل كَما نَزَلَهُ الله سُبحانَهُ وتَعالى، إسلام، وأَخّلاق، وإيمان، وشَريعَة، وإحِسان وأمور أُخرى رُبَما أَجهَلُها أو نَسيتُها. الصوفية تُرَكِز بِشَكِل كبير على الإحسان حَسبَما فَهمت. جَميل لو أَنّ جَميع المُسلِمين أَتموا الإسلام بِالشَكل الصَحيح! فَالمُسلمين اليوم فَقط بالاسم! وأهم جانِب اهتَمَ بِه الكَتاب هو الخِلافات بين المُسلمين نَفسُهُم والمَسيح نَفسُهُم وكل المَذاهِب والأديان، فَالناس يُريدونَ مُحارُبة بَعضُهُم البَعض وحَسب! والتَعَصُب، فَيعصبون أعينَهُم عن المُهم ويُرَكِزون على التَكفير وتَوزيع الأقدار على الناس، "دَعوا الخَلقَ لِلخالِق"!

كُنتُ أتَمنى لَوّ أنني اشتَريتُ "لَقيطَة اسطَنبول" لِأبدأَ بِه، لكِن سَنَبدَأ بِالمَوجود "الخيميائي" والذي أنا حقاً مُتحمسة له!

ورَمَضّان كَريم :)

الجمعة، 19 مايو 2017

حَلِيب أَسْوَد لـ أَلِف شَفَق




بِالرُغم مِن نَقدي الحاد لِكثيرٍ مِن الكُتُب والرِوايات وطَريقَةِ عَرضِها وما إلى ذلِك، إلا أنَّ هذهِ الرِواية والكاتِبة بِالذات شَدَتني شَداً قوياً، وذلِك لتِشابُه بَعض السِمات الشَخصية بيني وبينَ "أَلِف" وطَريقةِ التَفكير إلى حَدٍ ما وطَريقة التَحليل أحياناً، هذا نادر ما أجِده ولَم أجِده أَصلاً بَينَ الناس أو الكُتاب أو أيّ أحد.

على فِكرة! اسمُها هوَ "أَلِف شَفَق" ولَيسَ إليف شافاك او إلف شافاق كما يُكتب بالانجليزية. أَلِف أيّ حَرفُ الأَلِف بِالعَرَبِيَّة أو العُثمانِيَّة كما ذَكَرَت و شَفَق أي الفَجر وهو اسمُ والِدَتُها ولَيسَ لَقبُها الحَقيقي إنَما اسمُ الشُهرةِ خاصَتها، وذَكَرَت هذا كأَحدِ التَفاصيلِ في هذا الكِتاب.

استَمتَعتُ بِالرِواية كَثيراً في الحَقيقةِ لكنَني انزَعَجتُ قَليلاً في بعضِ المُقتَطفات المُطَولة عَن خَلفيَةِ الكاتِبات اللاتي تَقرَأ لَهُن "ألَِف". وكَذلِك انزَعَجتُ مِن خَلفِياتِهن الغالِبة عَليّهِن الكَآبة والبُؤسَ والمشاعِرَ السَلِبيَّة ونِهاياتٍ بائِسَة جِداً بِالنِسبَة لي.

كُنتُ أَخشى نِهايَة هذهِ الرِواية وهذا الاستِمتاع لدَرجة إِنني بَدأتُ بِقِراءة هذهِ الرِواية مَساء الثُلثاء وَأنهَيتهُا صَباحَ الجُمعَة أَيّ في ثَلاثِ لَيالٍ فَقَط بِمُعَدلِ ٣-٤ ساعات في اللَيّلَة الواحِدَة، حَيّثُ أن الكِتاب يَتَأَلف مِن ٣٩٧ صَفحَة و٧ فُصول، لكنَ الفَصلَ الأخير أقصَرَهُم فَأنهيتُ ٣ فُصولٍ معاً، تَنَوَعَتْ بينَ خَلفِيَة عن الكاتِبَة وخلفية عن المُترجِم ومُؤلفاتِه والرِواية ذاتِها.

وللهِ الحَمد، كانَت نِهايَتُه جَميلَة ومُتفائلة، لا ننسى إن هذا الكِتاب هو عِبارَة عَن مُذكرات الكاتِبَة التي مَرَت بِمراحِل عَديدة بَدئاً مِن رَفضِها التام لِفِكرَة الزواج لِحدِ مُنتَصَف ثَلاثيناتِها والوُقوع بِالحُب فَجأَة وإنجابِ طِفلَيّن، وَكَيّف كان للإكتِئاب دور في تأليفها لهذا الكِتاب.

تَتَحَدَث "ألف" بِصورة شَخصِيَة جِداً وبأريَحية في شَرح بَعضِ الجوانِب الشَخصِية التي مَرتْ بِها عَبرَ هذهِ الفتَرة وشَبَهَتْ جَوانِب اهتِمامِها كالطُموح والتَدَيُّن والثَقافَة وثلَاث آخَرين بِبَنات الأصابعِ، بَنات صَغيرات ضَئيلات الحَجم تَراهُن هيَّ فَقَط وتَتَحدث مَعَهُن كل على حدىٍ على حَسبِ مايَعتَريها مِن مَوقِف أو حالة.

للكاتِبَة عِدة جَوانِب أُخرى لاحَظتُها وهي لَم تُرَكِز عَليّهم كَما رَكَزَتْ على "بناتِ الأصابِع"، أحَدهُم بُعدها السياسي واطِلاعِها عَليه لِحَد كَبير، حَيثُ أنَها شَبَهَتْ تَضارُبَ بَنات أفكارِها في ذِهنِها بِالأَنظِمة السياسِية كالديمُقراطِيةَ والدِكتاتورِية والنِظام المَلكي. كما لاحَظتُ انها مُتدَيِّنَة إلى حَدٍ ما لكِنَها تَعيش إلى حَدٍ كَبير كالأوروبيين، وجَدَتُها (أم أبيها) مُتَدَيِّنة بِشكل كَبير جِداً وهذهِ أمور تَقريباً استغرَبتُ منِها كونُها في مُجتَمَع تُركيّ أوروبيّ وبالأخَص الفَترَة ماقَبلَ "رَجب طَيب أردوغان".

أُعجِبتُ بِطريقة الكاتِبة وهَدفي القادِم كِتاب "قواعِد العِشق الأربعون" وهيَّ رواية عن جَلال الدين الرومي. وينتابُني فُضولٌ شَديد حَول "لَقيطَة اسطَنبول" ولاسِيَّما أنَ لهُ تَأثيراً كَبيراً في حياتِها العَمَلِية. بالرُغم إنَني حِينَ اشتريت هذا الكِتاب وكان الكِتابُ الآخر في الجِهة الأُخرى رفضتْ نَفسي تَشتَريه لأن عُنوانُه لَم يُعجِبني واعتَرض على هذا النَوع.

الجمعة، 8 يوليو 2016

رحلة عمل لتركيا


لَمْ أَحسَب يَومَاً بِأَنَنِي أَو حَتى يَدُر بِذِهني بِأَنَنِي سَأتَمَكَن يَومَاً مِنَ السَفَرِ ،، لِوَحدي! وَخُصوصَاً في مَنزلٍ مُتَحَفِظٍ كَمَنزلي!
في الثاني مِن يونيو مِن هذا العام 2016 في الساعَةِ الواحِدَة والنِصفِ بَعدِ مُنتَصَفِ اللَيل،، قَد اقلَعَت طيارتي مُتَوَجِهة لِمَطارِ اسطَنبول، مَشاعِرٌ مُختَلَطَة تَتَضارَبُ بِداخِلي،، أهُوه الفَرَح؟ الخَوَف؟ الدَهشَة؟ الحَماس؟ لا أدري! جَلَّ ما أَعرفهُ بِأَنَنِي ها أنا أَركَبُ هَذهِ الطَيارة وبِجانِبي زَميلَتي في الرِحلةِ،، انظُرُ عَبرَ نافِذَةِ الطائِرة للسماء المُظلِمةَ وأَضواء المَطارِ في الأُفُقِ،، مُوَدِعَةً بعيّنايَّ مَوطِني ومُتَجِهَةً نَحوَ مُغامَرَةٍ جَديدة..

كانَت الطائِرة واسِعَةً جِداً،، والتَعَبُ يَأكُلُ عَيّنايّ،، وكُلُها لَحَظاتٌ حَتى غَطَتْ عَيّنايّ،، في نَومَةٍ مُتَقَطِعَةٍ وغَيرِ مُريحَة،، لأنَني اعتَدتُ أَن اُسنِدَ بِرَأسي على كَتِفِ أَحَدِ أَخَواتي في رَحَلاتي السابِقة وأغُطُ في نَومٍ عَميق.. 

مَطار اسطَنبول
وَصَلنا في مَطارِ اسطَنبول حوالي الساعَة الخامِسَة والنِصفِ صَباحاً، مُنذُ أَوَلِ خُطوَةٍ نَزلناها في المَطارِ، شَعرتُ بَأَنَ كُلَ لَعَناتِ الدُنيا قَد حَلَت عَلينا! طَبعاً لَمْ يَكُن شُعوراً بِقَدرِ ما كان شَيئَاً رأَيتُه! فَالخِدمَة سَيِئَة، والتَنظيمُ سَيِّء، وأَخلاقُهُم سَيِئَة! لا شَيّء حَسَن يُذكَر! كَرَهتُهُم مُنذُ أَوَلِ لَحظَة وَطَئَت قَدَمِي بِمَطارِهُم! حَيثُ أَنَهُ كانَ هُناكَ مُسافِرين إيرانيين قَد نَزَلوا بِمَطارِ اسطَنبول كَترانزيت وطَائِرَتُهُم سَتُقلِع في السابِعَةِ! مِن خِلالِ خِبرَتي في موضوعِ الترانزيت اَنَهُ هُناك تَرتيبٌ خاصٌ لِجَميعِ المُسافِرين الترانزيت حَيثُ يَكونُ لَهُم مَسلَك خاص وتَسريع في المُعامَلاتِ وما إلى ذَلكِ، لَكِن في اسطَنبول فَالوَضعُ مُختَلِف جِداً!.. حيّثُ انَ الجَميع قَد حَنَقَ عليهم -المُسافِرين الإيرانيين- من ضِمنِهِم نَحن! فَلَمْ نَكُن نَعرِف لِمَ هَؤلاء تَجاوزوا الصَف! ولِمَ لَمْ يُوقِفهُم أَحَد؟ وغَيرَ كُلَ هذا ،، كانَ هُناكَ صَف لِعُبور الجَوازات، لكن الصَفَ غَيّرُ مُنَظَم، حَيّثُ انَ الجَميع كان يَتَزاحم على أولِ شباكيين بَينَما الشِباكُ الأُخرى لَمْ يَكُن يَمُرُ بِها أَحَد! 
بِمَطارِ اسطَنبول، لَمْ أَرَ أي مُوَظَفٍ يَتَجَوَّل كما في بَقِيَّة المَطارات لِيَتَأَكَدَ مِن سَيّرِ العَمَل! أو يَرى إِن كان هُناكَ مُسافِرين تائِهين! أو حَتى لتَسهيل بَعضِ الأُمورِ كإِرشادِ المُسافِرين نَحو مَسالِكِهِم الصَحيحة في أسرَعِ وَقت! وكَذلِك، رَأَيتُ كيفَ انَ الأتراك لَمْ يُظهِروا أَي احتِرامٍ لرِجالِ الأَمنِ! فَلَمْ أرَ أيَّ هَيّبَةٍ لِرِجالِ الأَمن - ليّسَ فَقَط بِالمَطار!
اجراءاتُ النِزولِ بِمَطارِ اسطَنبول كان من المُفتَرَضِ اَن تَأخُذَ قَليلاً مِنَ الوَقت فَقَط، وبِالأخَص التَوقيت الذيّ نَزلنا فِيه كانَ في الفَجرِ، والعادةَ يَكون المَطارُ هادِئاً وتَسهَلُ الاجراءات، فَبِالفِعلِ كانَ المَطارُ هادِئاً، لكن قِلَةُ التَنظيم أَخَذَت مِنا وَقتاً طَويلاً لِخَتمِ الجَواز فَقَط!
فَكانَ أَولُ انطِباعٍ أَخَذتُهُ عن اسطَنبول، غايَةٌ في السُوء! لكن واصَلنا المَسِير..

فندق بولمان - ميركيور
فُندُق بولمان أو مِيركيور؟
بَعدَ ما اتمَمنا اجراءاتِنا، أَخَذَ كُلٌ مِن الأشخاص المُرافقين لي في هَذهِ الرِحلَة خُطوط اتِصالٍ تُركِيَّة مِنَ المَطارِ، لكِن لَمْ أرَ أَيَّ داعٍ لي أن آخُذ خَطاً ثالِث وخُصوصاً بِأَنَهُ سَيَكونُ هُناكَ خَطُ انتَرنِت في الفُندُق والمَعرَض وبِإِمكاني مُشارَكَة الانترنت مِن اجهِزَتِهِم! - لَمْ يَكُن قَراراً سَديداً أبداً!
وبَعدَ ذَلِكَ اتَجَهنا لِسياراتِ الأُجرَة مُتَجِهينَ لِلفُندُق، وكان مَوقِعُ الفُندُقِ استِراتيجيٌ جِداً وبِالقُربِ مِنَ المَطار، ولَن أَنكُر إنَ أَوَلَ نَظرَة لِلفُندُقِ أَودَت بي لِلجَحيم! فَلا يَغُرُكَ جَمالُ الفُندُقِ الظاهِرُ قَبلَ تَجربَتِه! وبالطَبعِ خلِال وَقتِنا بِسيارَة الأُجرَة أَخَذَت زَميلَتي تَبحَثُ عَن الفُندُق وَوَقَعنا بِغرامِ الصُوَر،، لِلأَسَف!
فَوّرَ دُخولِنا لِفَوهَة الجَحيم ،، أَعني، الفُندُق.. كانَ راقٍ جِداً بِتَصميم حَديث وَعَصرِيّ، كانَ جَميلاً بِحَق! كُنا تَقريباً مِنَ الوفودِ الأوَلِيَّة التي تَصِل، وَصَلنا حُدود الساعَة السابِعَة صَباحاً،، كُنا نَتَوَقَع اجراءات تَرتيب اَسرَع، لأنَ كُلٍ مِنا قَد ارسَلَ بياناتِه مُسبَقاً وعَليّهِ يَجِبُ أَن يَكونَ كُلُ شَيءٍ جاهِز؛ عَليّنا فَقَط استِلامُ مَفاتيح الغُرَف.. لكِنَ الطامَةَ الكُبرى كانَت حِيّنَ قالوا لي اِنَ اسمي غَيّرَ مَوجود! كَيّفَ غَيرُ مَوجود! وأنا التيّ كُنتُ مَسؤولَة عن ارسال الأسماء والتَرتيب لِلوَفدِ البَحرينيّ! ومِن بَينِ الجَميع! لَمْ يَكُن اسمي مَوجوداً!! وانتَظرنا كَثيراً، والتَنظيمُ السَيّء الآخَر كان مِن جِهَة الشَرِكَة المُنَظِمَة الكُوَيّتِيَة التيّ استَلَمَت الأسماءَ مِن عِندي، والتي بِدَورِها كَذلِك عَليّها المُتابَعةَ والتَأكيدَ، وغَيرُ ذَلِكَ مُعامَلَتُنا كَأَحَدِ طَلَبَةِ المَدارِس وأمرُنا بِرُكوبِ الباص الذيّ سَيَتَحَرَك لِلمَعرَض تَمام التاسِعَة ونَحنُ لَمْ نَتَمَكَن حتى مِن دُخولِ الحَمام على الأَقَل أو وَضعُ حَقائِبِ سَفَرِنا في مَكانٍ ما! وناهِيكَ عن التَعَب الذي كان يَأكُلُ جَسَدِنا وأَقدامَنا التيّ ظَلَلّنا واقِفين عَليّها مُنذُ فَجرِ ذَلِكَ اليوّم!
النافورة
مَرّ الوَقت، حتى انتَصَفَ النَهار، والأَغلَب قَد حُلَّتْ مُشكِلَتُه فيما عَدايّ! وَلَمْ أَعُد احتَمِلُ التَعَب أو وَجَعُ قَدَمَيّ أو ظَهرِي، جَلَستُ على حافَةِ النافورَة المُقابِلَة للاِستِقبال وَوَضَعتُ خَدَيَّ بَيّنَ كَفَيَّ وَاغمَضْتُ عَيّنَيَّ.. حَتى أَتَتْ زَمِيلَتي تُعطيني مِفتاح غُرفَتِها وَطَلَبَت مِني الذَهاب لِأَرتاح فيها،، ذَهَبتُ لِلغُرفَة وأَلقَيّتُ بِنَفسيِّ عَلى السَريرِ وبَعدَ مِضيِّ تَقريباً نِصفُ ساعَة طَرَقَتْ عَليَّ زَميلَتي باب الغُرفَة لِتُعطيني أَغراضي وطَلَبَت مِني أَن أَمكُثَ في غُرفَتِها وهيّ سَتَأخُذ غُرفَتي (التيّ في الأَصلِ هي غُرفَةُ أَحَدٍ آخَر مِنَ الوَفد البَحرينيّ لكِن لَمْ يَحضُر)..
الردهة
ولَيسَت هَذهِ فَقَط الصَدمَة! بَلّ أَنَ الفُندُقَ الذيّ نَمكُثُ فيهِ عِبارَة عَن فُندُقان (بولمان وميركيور) طَبعاً بولمان هو الجانِبُ المُشرِقُ الأفضَل مِن جَميعِ النَواحي، وميركيور الجانب الغَيّر مُكتَمِل وغَيّرُ مُفَعَل وإنَما تَمَ تَفعيلُهُ بِشَكلٍ مُؤَقَتْ لِضِيوفِ المَعرَض.
استَيقَضتُ تَقريباً في الخامِسَةِ والنِصفَ مَساءاً.. والغُرفَة فارِغَةٌ وأنا وَحديّ بَيّنَ أربّع جُدران، اعتَدتُ أنْ استَيقِظَ وأرَى أُختي بِجانِبي ونَبحَث ونَجولُ في أَرجاءِ الغُرفَة نَستَطلِعُها، لكِنَ اليَوّم، أنا وَحدي! فَماذا مُمكِن أَن أَفعَل؟
السجادة
نَهَضتُ مِن فِراشي وذَهَبتُ لِأُصَليّ،، لكِن مَهلاً! أينَ السَجادَة! نَسَيّتُ سَجادَتي في المَنزِل!مَالعَمَلُ الآن؟ .. جُبتُ أنحاءَ الغُرفَةِ بَحثاً عَن حَلّ، فَلَمْ أَجِد غَيرَ المِنشَفَة لِتَكون بَديلاً.. تَم حَلُّ المُشكِلَة بِنَجاح!..
ذَهَبتُ لِغُرفَة زميلَتي (غُرفَتي في الأَصلِ)، أَخَذتُ استَطلِعُ الغُرفَة إِذ هيّ سَريريين مُنفَصِليين، غُرفَة مُطِلة على الفُندق، ولا يَصِلُ لها الاِرسال!
تَتَوالى الصَدمات في فُندُق بولمان أوميركيور بِالأحرى،، حَيثُ إننا كُنا نُحاوِلُ أن نَشبكَ على الانتَرنِت التابِع للفُندُق لكِن لَم نَفلَح! لِماذا؟ هَل الاِسِم خَطأ؟ رَقمُ الغُرفَة؟ الحُروف خَطأ رُبَما؟

الغرفة المطلة على الفندق

خَطُ الانتَرنِت، أَينَ هو؟
عِندَ مُراجَعَتُنا للاستِقبال، تَمَ اعلامُنا بالآتيّ: "في هذا الجانِب مِنَ الفُندُق الذيّ تَسكُنون فِيه لا تُوجَد خِدمَةُ انتَرنِت، ولِهذا السَبَبْ تَمَ اعطائُكُم هذِه الغُرَف، بِإمكانِكُم استِخدام هذا الانتَرنِت بِهذا الاسم السِريّ لكِن فَقَط في الرُدهَةِ، الآن هَلا ابتَعَدتُم فِإِنَكُم تَسِّدون الطَريق عن الزبائِن".
ما إن سَمِعتُ هذِه الكَلِمات الوَقِحَة، حَتى انصَرَفت عَنهُم حَتى لا أُجادِل هذا القَوم البَغيض! وأَخَذتُ الاسمَ السِريّ وبَدَأتُ بِمُخاطَبَة أَهليّ الذيّنَ كانوا يَنتَظِرونَ مِني كَلِمَة لأُطَمئِنَهُم عَليّ. 
لَمْ تَكُن هذِه مُشكِلَة الانتَرنِت الوَحيدَة في اسطَنبول! فَقَد كانَ مَطارُ اسطَنبول كَذلِك غَيرَ مَدعومٍ بِخِدمَةِ انتَرنِت مَجانية كَما هُو الحال في باقي المَطارات! كانَ يَجِب أَنْ يَكونَ عِندَكَ خَط اتصال تُركيّ أَو أَن تَدفَع عَبرَ نِظامِ الدَفعِ الاِلِكترونيّ حَتى تَتَمَتَعَ بِحُرِيّةِ استِخدامِ الانتَرنِت!..
ولَيّسَ هذا فَقَط!.. حَتى عِندَ دُخولِنا لِلمَعرَض، ظَهَرَ لنا عَبْرَ اجهِزَتِنا امكانِيّة الوُصول عَبرَ الانتَرنِت، حَيّثُ تَستَطيع شَبكَه لكِن بِدون استِخدامِه! كَيف؟ لا تَسأَلني، رُبَما بِسَبَب العَدد الكَبير بِالمَعرَض - لا اعتَقِد.

جَولَة سَريعَة في اسطَنبول
المطعم المطل على البحر
بَعدَ أن ايقَظتُ زَميلايّ في الرِحلة، قَرَرنا الخُروجَ لِتَناوُلِ العَشاء، كانَت السابِعَة مَساءاً، لكِن لا تَزال الشَمسُ مُشرِقَة في سَماءِ اسطَنبول!
أَخَذنا سَيارة الأُجرَة وانطَلَقنا إلى مَطعَمٍ بَحريّ يَطلُ على البَحرِ، حَيّثُ وَجَدنا صُعوبَة في التَواصُل مَعَهُم لأَنَهُم لا يُجيدون العَرَبِيَة أَو الانجِليزِيَة! لِحُسنِ الحَظ أَنَ هُناك سوريين يَعمَلون مَعَهُم بالمَطعَمِ.
وبَعدَ ذلِك عُدنا لِلفُندُق لأَنَهُ حَلَّ الظَلام حُدودَ الساعَة الثامِنَة مَساءاً.

المَعرَض الصيني
صَباحَ يَوّم الجُمُعَة والمُوافق الثالِث مِن يونيو واليَوّمَ الثاني لِلمَعرَض الصيني. استَيّقَظنا صَباحاً وجَهزنا انفُسَنا للانِطلِاق لِلمَعرَض الصيني.
ما أَن دَخَلتُ المَعرَض، حَتى شَعَرتُ بِأَنَ مَجرى حَياتي قَد اختَلَف! اختَلَفَتْ نَظرَتي لِلحَياة وبِالأَخَص اِتِجاهَ عَمَليّ، رَأَيتُ فُرَصاً شاسِعَة لِبَدءِ حَياةٍ عَمَليّةٍ جَديدة! ما الذيّ يُؤَخِرُني عَن هذا؟
المَعرَض كان يَضُمُ عَدَداً كَبيراً مِن التُجار الصينيين والذين يَملِكون مَصانِع، البَضائِع شتى بَدءاً من المَلابِس حتى المَنتوجات المَعدِنية حتى البلاستيك والأكواب، آفاق جَديدة في عالَم التِجارة كُلُها تَحتَ سَقفٍ واحِد!
المعرض الصيني

تَقسيم
ميدان تقسيم
في المَساء، قَرَرنا زِيارة المَنطِقَة المُجاوِرَة "تَقسيم"، أَخَذنا سَيارَة أُجرَة واِتَجَهنا نَحوَّ تَقسيم، وكانَ لَيّلَة نِهايَة الأسبوع والشَوارِعُ مُزدَحِمَة جِداً، أَخَذنا جَوّلَة سَريعَة في شَوارِع مَنطِقَة تَقسيم وقُمنا بِشِراءِ أَنواع مِنَ الحَلويات لِرِحلَة العَودة، أَما أنا! فَقَد انقَضَضتْ على الشوكالاتَه، فَهذِه أَنواع جَديدة عليَّ أَنْ أُجَرِبَها!
لَمْ يَكُن حَظُنا أَوفَر في عَودَتِنا مِن تَقسيم.. فَقَد أَخَذْنا سَيارة أُجرَة كان يُأخذُ سائِقها مَسارات أُخرى على حَسَب قَولِه إِنَ الشَوارِعَ الرَئِيسية مُزدَحِمَة بِسَبَب عُطلَة نِهايَة الاسبوع فَأَخَذ يَسلك مَسارات الاَنفاق وغَيرُها، وَحينَ وَصَلنا لِلفُندُق كانَت الأُُجرة عالِية! لكِن حَسَب قَولهِ أَنه على العَداد، أَخَذَ كُلٌ مِن زَميليّ بِإعطائِهِ المَبلَغ على أَقسام ولله الحَمد إِنَني كُنتُ أُراقِب، فَخُبثُ هذا الشَخص لَمْ يَكُن مُتَوَقَعاً فَقَد استَبدَل عُملَة 50 ليرة مَعَ 5 ليرة وأَخَذَ يَقول بِأَننا أَعطيناه 5 بَدَلاً من 50! لكِن حينَ رَأى إننا كُنا على يَقين بِما أعطيناه وإنَ المَوضوع سَيَكبَر واحتِمال زِيارَة مَركَز الشُرطَة تَفادى المَوضوع واظهَرَه على صُورةِ إننا لَمْ نَفهَم لُغَتَه! وإِنَهُ كان يَقصِد إن المَبلَغ كامِل!..

مَعالِمُ تاريخِيّة
في اليَوّمِ الثالِث، الرابِع مِن يونيو، قَرَرنا زِيارَة بَعض مِن المَعالِم الأَثَرِية باسطَنبول، فَقُمنا بِزِيارَة جامِع سُلطان أَحمَد "الجامِع الأزرَق" وما حَولَه مِن مَعالِم وأَماكِن سياحِية، وبَعدَ ذلِك اتَجَهنا لِمَطعَمٍ ساحِليّ آخَر في اسطَنبول، لكِن هذِه المَرّة مُختَلِفَة!
حَيّثُ أَنَهُ كانَ مِنَ المُفتَرَضِ بَعدَ وجبَةِ الغَداء هذِه نَعود لِلفُندُق ونَأخُذ استِراحَة بَسيطَة ونُعاوِدُ الخُروج لِمَكانٍ آخَر كالسوقِ المَسقوف وغَيّرهُ، لكِن ما أَن عُدنا لِلفُندُق وكلٌ مِنا يُعاني مِن وَعكَة صِحيَّة! ارقَدَتنا الفِراش حَتى اليَوّم التالي.

طَبعاً صِرتُ وَحيدة! أَخَذتُ أَجولُ بِغُرفتي وأَجُولُ الفُندُق واستفيدُ قَليلاً مِن انتَرنِت الفُندُق..
جامع سلطان أحمد - الجامع الأزرق

رِحلَةُ العودَة!
صَباحَ اليَوم التالِي،، الخامِس مِن يونيو والأخِير في اسطَنبول، كُلٌ مِنا يُوضِبُ حَقيبِتَه استِعداداً لِلعَودَة، واتَجَهنا لِلمُجَمَع المُقابِل لِلفُندُق نَجوب أَنحائَه عن هَدايا لِلعَودَة، وتَناوُل الغَداء.
توظيب الحقائب
ألعاب التركيب
كانا يَجولان المُجَمَع بَحثاً عَن ألعاب لأِطفالِهِم، لكِني أَنا مَن اِستَفاد مِن مَحَلات الألعابِ بَدَلاً مِنهُم، فَقَد حَصَلتُ على لُعبَة التَركِيب وبِسِعر لا أَتَوَقَع أَبَداً بِأَنَني سَأَحصُل عَلى مِثلِهِ بِالبَحرينِ!
ولكِن مَعَ كُل هذِه المُشتَريات! لا يَوجَد مَكان لَهُم في حَقائِب العَودَة! فَأَخَذنا نَجُوبُ المُجَمَعَ بَحثاً عَن حَقيبَة تَلُمُ هذِه المُشتَرَيات.. 

العين الزرقاء
اتجَهنا لِلفُندُق وحَمَلنا حَقائِبَنا وتَوَجَهنا لِلمَطار، كُنتُ ابحَثُ عن مِيدالِياتٍ أو تَذكاراتٍ بِمَعالِم تُركيا، إِذ أَتاني البائِع وأَهداني هَدِيَة عِبارَة عَن دَبوسٍ مُعَلَق بِه "العَيّن الزَرقاء" وقال لي: "هذِه تَجلُب الحَظ" اسعَدَتني مُبادَرَتُه الطَيبة حَيثُ أَنَهُ أَوَلُ وآخِرَ شَخصِ لَطيف أَلتَقي بِه في اسطَنبول!
بِالطَبع مُفاجَئات اسطَنبول الكَريهَة لا تَنتَهي! فَفِي رِحلَة العَودَة الطائِرة كانَت ضَيِقَة جِداً! حَيثُ يَصعُب التَحَرُكُ فيها بِعَكس طائِرة الذهاب! وغَيرَ ذلك، تَأَخر الرحلة ما يُقارب ساعَة وأَكثَر!

الجانِب المُشرِق
طبيعة خلابة
ولِكُلِ سَيءٍ حَسَنات، فَكان مِن حَسَنات هذِه الرِحلَة أو الجانِب المُشرِق فيها، هو السَفَر بِحَدِ ذاتِه لِمَكانٍ جَديد وعالَم جَديد وقارَة جَديدة، وقَد استَمتَعتُ كَثيراً بِالأَجواء اللَطيفَة والأَمطار الخَفيفَة والطَبيعَة الخَلابَة والمَناظِر الطَبيعيَّة الجَميلَة واخضِرار الشَوارِع والساحات وناهيكَ عَن المَناطِق الأَثَرِيَة التيّ زُرناها.

صَدمَة أخيرة!
وأخيراً ولَيسَ آخِراً، في يَوّمِنا ما قَبل الأَخير باسطَنبول، اتَجَهنا نَحو الاستِقبال لِتَمديد لَيلَة واحِدَة حَيّثُ إِن المَعرَض يَنتَهي في الرابِع مِن يونيو ورِحلَة عَودَتِنا في الخامِس مَن يونيو، لكِن الصَدمَة كانت حينما قال أَنَهُ بِإمكانِه نَقلُنا لِقِسم فُندُق بولمان وقَضاء الليلة هُناك إِن شِئنا حَيثُ إِنَ ذلِك القِسم لَن يَكونَ بِهِ أَحَد! لو كُنا نَعلَم أَن تَمديد لَيلَة واحِدة سَتَأخُذُنا لِلجانِب الأَفضَل مِن الفُندُق لَكُنّا أَخبَرناهُم مُنذُ أول يَوّم وَطَئَت قَدَمُنا لِلفُندُقِ!
فُرصَة! لكِن عَناء الاِنتِقال لا يُضاهي هذِه الفُرصَة، فَرَفَضنا العَرض بِحَرقَة..

حَصِيلَة الرِحلة
بِالطَبع قَد حَصَدتُ أُموراً مِن هذِه الرِحلَة! فَقَد حَصَلتُ على كوبٍ كَهَدِية واشتَرَيتُ أَلوانَ أكريليك مِنَ المَعرَض الصيني، وغير الشُوكالاتَه التيّ اشتَرَيتُها مِن تَقسيم والأَلعاب والخَواتِم مِن المُجَمَع والمِيدالِيات التَذكارِية مِن المَطار!


 الحلويات من تقسيم


الخواتم من المجمع والألوان من المعرض


الكوب الهدية من المعرض

خِتامَاً..
وفي الخِتام، غَيّضيّ وغَليّليّ عَلى اسطَنبول كان عَظيماً، لكِني أَوَدُ أَن أَزورَها مُستَقبلَاً للأماكِن التي لَمْ أَتَمَكَن مِن زِيارَتِها، ورُؤية مَعالِمِها الطبيعيَة والاستِمتاع بِها لكِن بِدون التَعامُل مع سُكانِها!

الجمعة، 25 ديسمبر 2015

غيومٌ مطرية ~

سَماءٌ تَسودُها غُيومٌ مَطَرِيةٌ ،، رَماديٌ وكُحليٌ هي الألوانُ التي مِن حَولي.. سِترَةٌ خَفيفةٌ وجَوٌ بارِد.. كُوبُ قَهوَةٍ ساخِنٌ ودُخان يَفوحُ مِنها.. قَلَمُ حِبرٍ وَوَرَق .. مَشاعِرُ مُختَلَطة .. حُبٌ شَديدٌ وحُزنٌ دَفينٌ وإرهاق جَسَدي وتَعبٌ نَفسي.. نَظرَةُ أَملٍ لِلسَماءِ .. وقَلبٌ مَشحون مُتَخَبِطٌ كَالأَقدامِ المُغَمَسَةِ في الوَحلَ مِن بَعدِ يَومٍ شَديدُ المَطر.. بُكاءٌ دامٍ بِلا دُموعِ.. آلامٌ وَأوجاعٌ من غيرِ صَريخ..

الأحد، 30 أغسطس 2015

ايحاءات ما قبل النوم

كان لي طيرٌ يشدو بأعذبِ الألحانِ
كان طيري يشجعني ويحمِسني ويدفعني للأمامِ
طيري كان مختلف! كان مرشداً و معلماً ومحفزاً لي!
كان يريد مني أن أطير وترتفع قدماي عن الارضِ
وهو واقفٌ يرقبني عن بعد يثق بي وبقدراتي..
لكن طيري.. لم يعد كما كان في الماضي!
طيري بات يغار مني!
طيري بات عبوساً لا يغرد تلك الألحانِ!
طيري صار مخرباً! يكره العمران والبنيانِ!
مالك يا طيري؟ كيف وكنت ذاك المعلم لي؟
مالك يا طيري بت تخشاني؟
أطموحي في الطيرانِ بات يخيفك من بعد ما كان مصدر تلك التغريداتِ؟

#ايحاءات ما قبل النوم

الجمعة، 17 أبريل 2015

فَضّفَضَة ~

مَضَى ما يُقارَب تِسعَة أشهُرٍ مُنذُ أَنّ دَوَنتُ آخِرَ مَرةٍ هُنا.. وكانَت مُناسَبة سَعيدة حَيثُ أَنَني تَخَرجتُ وتَخَلصتُ مِن هَمٍ يُدعى بُوليتَكنِك البَحرين..
واليَوم، تَحديداً شَهرُ أبريل.. شَهرُ المُفاجَآت.. شَهرُ ميلادي! استاء.. اِستَئتُ كَثيراً.. دعوني اسرِدُها مِن البِداية! عَلَّ هُمومي تَنزاح بِالكِتابَة!

حِينَ استَلَمتُ اتِصالاً مِن شَرِكَة اتِصالات البَحرين "بتلكو" بِشَهرِ يَنايَر مِنَ العامِ الماضي.. كُنتُ سَعيدة جِداً.. سَعيدة لكِن مُتَرَدِدة.. حَيثُ كانت سَنةَ تَخَرُجي ومِنَ الصَعبِ العَمَل بِدوامٍ كامِل!.. لكِن حِينَ رَأَيتُ أَنّ الأُمورَ سَهلة وغَيرُ عَسيرة أَبَداً.. أَحسَستُ أَنّ العَمَلَ بِبتلكو هو مِنْ نَصيبي.. وبَدأتُ العَملَ بِآخرِ أسبوعٍ مِنْ شَهرِ مارس، لكِن مِن أول أسبوعِ عَمَل .. المُدَرِبَة التي كانَتْ تُدَرِبُنا عَلى أَنظِمَة الشَرِكة لَمْ تَكُن تَتَساعَد مَعي نِهائِياً! كُنت أخرُج يَومَ الثُلاثاء فَقَط لِمُقابَلَة المُشرِف على مَشروعِ التَخرُج حَيثُ كانَتْ تُضايُقُني وتُخبِرُني أَنَهُ إَنّ استَمرَرتُ عَلى هذا المِنوال لَنّ يَكونَ الأَمرُ بِصالِحي.. المُزعِج في المَوضوعِ إنَهُ قَبلَ تَوقيعي لِلعَقدِ شَرَحْتُ لَهُم مَوقِفي وأَخبَروني إَنَّ القِسم الذي سَأكونُ فيه مُتَساعِدين جِداً وأَنّ أَغلَبَ المُوظَفينَ هُناك طَلَبَة جامِعات.. صَبَرّتُ إلى ما بَعدَ فَترَة التَدريب التي كانَتْ ما يُقارَب الثَلاثَ أًسابيع حَتى نَزَلنا لِمَوقِعِ العَمَل.. حِينَ نَزَلتْ كان الأَمرُ سَهلاً لِمُتابَعَة مَوضوع مَشروعِ التَخَرُج، حَيثُ رَتَبتُ كُلَ ثُلاثاء نَوبَة عَمَل ما بَعدَ الظُهر.. 

لَمْ أَكُنْ سَعيدة أَبَداً .. كُلُ يَومٍ اتَعَرَضُ لِأَسوَء المُعامَلاتْ مِن زَبائِن بَتِلكو.. وحِينَ أَذهَبْ لِلجامِعَة اتَعَرَض لِأَسوَء الكَلام والمُعامَلَة مِنَ المُشْرِف.. كانَ قاسِياً، لَمْ يُرضِهِ أَيّ شَيء .. وَلَن يَرضى.. كانَتْ حَياتي جَحيماً.. إلى أَنّ مَرَت الأَشهُر حتى تَخَلَصتُ مِن هَمّ المَشروع وهَمّ المُشرِف وهَمّ الجامِعة كُلَها.. وتَخَرجتْ في يوليو.. اَحسَستْ أَنَها بِدايَة جَديدَة! وأَنَها فُرصَة لِلتَركيزِ على شَيءٍ واحِدٍ فَقَط! وهوَ العَمَل.. طَبعاً.. تَجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ! كانَ الوَضعُ أَسوَء واتِصالات الزَبائِن السَيِئَة في اِزدِيادِ! ولِلأَسَف اَنَهُم سَيِئون حَتى وَهُم صائِمون!

في بَعضِ الأَحيان يَكون الحَق لِلزَبون والاحيان الاُخرى لا.. لكِن تَصَرُفاتْ وسُلوكِياتْ الزَبائِن في التَعامُلِ مَعَ مَشاكِلِهِم سَيِئَة جِداً ويَفتَقِرون لِلأَخلاق! قِلَةٌ مِنهُم مَنْ كانَ في أَسوَءِ حالاتِه مِنَ العَصَبِيَة لكِنَه يَتَعامَل بِشَكل راقي ورُبَما هوَ شَخصٌ واحِد أو اِثنَين فَقَط تَعامَلتْ مَعَهُم! حَسِنوا مِن اُسلوبِكُم حَتى تَنالوا حَقَكُم إنّ كُنتُم على حَق!

كُنتُ انتَظِر بِفارِغ الصَبر سَفرَتي المُتَرَقَبَة في مُنتَصَفِ شَهرِ اُغُسطُس.. حَتى أُرَفِهَ عَن نَفسي وأُزيلَ هُموم العَمَل والجامِعة.. لكِن السَفرَة كانَتْ أَسوَء مِن أَيّ شَيءٍ آخَر! مُنذُ أَوَل أسبوع كُنتُ انتَظِرَ عَودَتي لِلوَطَن!..

عُدتُ لِلوَطَن! وَعُدتُ لِهَمِ العَمَل! ومُنذُ أوَل يَوم رَجَعتْ فِيهِ لِلعَمَل كانَ هُناكَ خَلَلّ في الخِدمَةِ والاتِصالاتْ تَصِل فَوقَ الأَلف.. ونَفسِيَّتي تَسوء وتَسوء.. حَتى سائَتْ حالَتي الصِحِيَة وتَعَرضُتُ لِلقولون العَصَبيّ مُجَدداً الذي شُفيتُ مِنهُ تَماماً قَبل ما يُقارَب الِتسعَة أَعوام، حَيثُ أَنَني لَمْ أَعُد ذلِكَ الشَخص الحَليم.. وكُل شَيءٍ يَبدو مُستَفِزاً! طِوالَ شَهرِ سِبتَمبَر وأنا بِالمُستَشفى إلى حِينِ العَمَلِيَة.. ومُنذُ ذلِك الحينِ وأنا لَستُ بِحالَةٍ جَيِدَة.. في كُلِ شَهرٍ أَتَغَيّب يَومان أو ثَلاث بِسَبَب سوءِ حالَتي الصِحية..

الجَميع كان يَنصَحُني.. ويَقول ما لا يَستَطيع هُوَ فِعلَه! "تَحَمّلي"، "اصبِري"، "انتَظِري"، سَتُفرَج قَريباً! .. الجَميع كانَ يَظُنُ الأَمرَ سَهلاً.. لكِن في كُلِ يَوم كانَتْ تَسوء حالَتي بِشَكِلٍ شَديد.. لكِنَنِي كُنتُ اتَحَمّل واصبِر وانَتَظِر.. ليسَ حُبَاً في العَمَل ولا حُبَاً في المَال ولا اثباتْ لِقُوَة تَحَمُلي.. لكِن بِسَبَب أقساطِ السَيارة التي اضطرَرتُ أنّ اشتَرِيَها في يونيو بِسَبَب "بتلكو" حَيثُ أَنّ المَبنى الذي أَعمَلُ فيهِ يَحتاجُ إلى مَشي مِن عَشر دَقائِق إلى رُبع ساعة..

ولا نَنسى الحادِث الذي تَعَرَضتُ لَه بِشَهرِ مايو وكُدتُ أَنّ أموت.. الذي تَعَرَضتُ لَه في طَريقي لِلجامِعَة لِمُقابَلَةِ المُشرِف المُجرِم! وفي أبريل أَيضاً بَدَأت مَشاكِل تِلكَ السَيارَة في ازدِيادِ حَتى تَدَمَرَت في الحادِث..

وطَبعاً أُكتوبَر ونوفَمبَر وديسمبَر كانو مُتشابِهين.. مِنْ ناحِيَة العَمَل والنَفسِيَة والحالة الصِحِيَة.. ولَمْ أُصَدِق حِينَ بَدَأَتْ السَنَة الجَديدَة حَتى طَلَبتُ إِجازَة لارتاح! كانَتْ لِمُدَة أسبوعَيّن في نِهايَةِ يَنايِر .. لكِن لَمْ أرتَحْ لِلأَسَف.. كانَتْ هَماً أَكبَر .. لَأَنَني أَعلَم إنَني سَأعود لِلهَمِ قَريباً.. وما أَنّ مَضى فَبرايَر .. حَتى اتَخَذتُ القَرار .. وكان أَسعَدَ قَرارٍ اَتَخِذُه بِحَياتي!! كانَ في آخرِ اسبوعٍ مِنْ فَبرايَر .. شَقَقتُ طَريقي نَحوَ المَسؤول وزَفَفتُ عَلَيّهِ خَبَرَ استِقالَتي.. وما يَزيدُ اصراري على الاستِقالة هوَ رَفضُهُم لِنَقليّ مِن هذا القِسم لِقسمٍ آخرَ بِحُجَةِ إنَهُ يَجِب أَن يَحِلَ مَكاني شَخصٌ آخَر.. وهي حُجَةٌ واهِيه جِداً .. 
كانَ يومَ الخَميس .. وكانَ مِن أَحدِ الاَيامِ السَيئَة التي يَكونُ عَدد الاتِصالات عالٍ جِداً.. لكِنَهُ كان الاَسعَد .. أَذكُرُ تَماماً شُعوري وأنا أقودُ مُسرِعة مُتَجِهَة لِلمَنزِل!

بَعدها بِأسبوعان حَصَلتُ على وَظِيفَة عادِيَة جِداً لكِنَني سَعيدةَ بِها.. لا تُقارَن بِمُستَوى وَصِيتِ بتلكو! لكِنَني هُنا أَسعَد .. وَلا أُريدُ التَكَلُمَ في سُمعَةِ بتلكو أو بِالأَحرى القِسمَ الذي كُنتُ بِه فَلَن أسكُتْ .. لكِنَني لا اهتَم .. لأنَني نَجَيتُ بِنَفسي!

ظَنَنتُ أَنَني نَجَيتْ.. وظَنَنتُ أَنَني تَرَكتُ ذلِكَ العَمَل الذيّ يُقصِر العُمر في الوَقتِ المُناسِب.. لكِنَني كُنتُ على خَطَأ.. لِلأَسَف.. 

في الثالِثِ والعشرينَ مِن مارس بَدأتُ أشعُر بِنوباتِ تَعبٍ شَديد ودُوارٍ في الرأسِ وأَلَمْ في الجِسم وارتِعاش.. حَتى ظَنَنتُ إنَهُ مُجَرَدُ حُمّىً عادِيَة وسَتَزول قَريباً.. ولِلأَسَف مُجَدَداً كُنتُ على خَطَأ.. بَعدَ أسبوع ازدادَت حالتي سوءاً حَتى قَررتُ مُراجَعَة المُستَشفى الذي ظَنُوا إِنَهُ مُجَرَد عَدَم تَناسُب بَعض مِن الأَطعِمَة لِجِسميِّ.. لكِن بَعد أسبوعٍ آخر ازدَدتُ سوءاً حَتى إِنَهُ لا مَفَرَ مِن الألَم والمُعاناة غَيرَ الدُموع.. فَكانَتْ فِعلاً تُريحُني .. 
راجَعتُ نَفسَ المُستَشفى مُجَدَداً .. لكِن تَم تَشخيصُه بِشَكلٍ مُختَلِف وتَمَ تَحويلي على استشاري.. 

واليَوم.. تَمَ تَشخيصُ المَرَض بِأَنَني اُصِبتُ بِغُدِةٍ نَشِطَة جِداً.. وأَنَها كانَتْ مَوجودَة مُنذُ مُدَة طويلَة لكِنَني لَمْ اَشعُر بِها إلا مُنذُ شَهر فَقَط.. تُصاحِبُني الآلام والدُوار مُنذُ عِدَة لَيالٍ ولا استَطيعُ النَوم.. لكِن ذَرفَ الدُموع.. 

الاثنين، 14 يوليو 2014

وأخيراً .. خريجة ! ~٢٠١٤~



رسالة القبول


قَبلَ أَعوامٍ عَديدة.. كُنتُ قَد التَحَقتُ بِبوليتِكنِك البَحرَيّن.. كانَت كَالحُلم الذي أَتى إِليَّ لِيَتَحَقَق! تَتَصِف بِجَميعِ المُواصَفات التي كُنتُ أَبحَثُ عَنها! .. جامِعَة حُكومِية .. مُعتَرَف بِها.. نِظام أَجنَبيّ.. تَرفيهيَّة وتَعليميَّة في الوَقتِ ذاتِه.. وكُلُ ما يُمكِنُنِي تَخَيُلهُ!
الطلبة المؤسسين 2008

درع الطلبة المؤسسين




تَستَطيعون القَولَ.. بِأَنَني كُنتُ إِحدى فِئرانِ التَجارب.. لكن.. فِئران سُعَداء بِالتَجرُبة!.. بِالطَبعِ لَم تَدُم الفَرحَةُ طَويلاً! بَعدَها بِسَنواتٍ قَليلةَ بَدَأتْ تَندَثِر العادات الجَميلَة التي زرَعَها الرَئيس التنفيذيّ السابق "جون سكوت"..





2011

وفي العام المشؤوم ٢٠١١.. كُنتُ حينَها أَوشَكُ عَلى التَخرُج بِالدِبلوم وفي العامِ ذاتِه.. تَشَوَهَت قَوانينُ الجامِعة بِشَكلٍ تام.. أَصبَحَت كَالجَحيم.. لَم أَكُن أَنوِ أَن أُتابِعَ رِحلَتيَّ الدِراسِيَّة إِلى البَكلاريوس.. لكِنَ الظُروف التيّ مَرَرنا بِها في ذاكَ العامِ زادَتْ مِن عَزيمَتي .. وبِالطَبعِ كانَتْ مِن أَسوَءِ المَراحِلِ التيّ مَرَرتُ بِها ابتِداءً مِن ٢٠١١ انتِهاءً بِهذا العامِ..


2012
أعتَقِدً أَنَّ السَبَبَ الرَئيسيّ وَراءَ هذِهِ الانتِكاسَة.. هو التَوّقيت الذي التَحَقتُ فيهِ لِمُواصَلَة المِشوار تَزامُناً مَعَ الحالةِ النَفسيَّةِ التيّ كُنتُ أُعاني مِنها وَقتَها إِضافَةً إِلى اختياري لِلكُلِيَّةَ.. ثَلاثَةُ أَسبابٍ مُجتَمِعَة.. سَبَبَتْ كارِثَة..
فَفِهذِهِ الكُليَّة.. رَأيتُ وتَعامَلتُ مَعَ أَسوَء وأَحقَر الشِخصِياتِ عَلى وَجهِ الكُرة الأَرضِيَّةَ.. رَأَيتُ الظُلمَ والوَيّل.. بِالطَبعِ انَظلَمتُ مُسبَقاً في الجامِعَةِ ذاتِها.. لكِن في هذِهِ الكُليَّة كانَتْ بِشَكلٍ يَومِيّ وَفصلِيّ .. لا أَنكُرُ مُروريَّ بِشَخصِياتٍ مُتَمَيِزَة وجَميلَة.. لكِنَ الطابِعَ الأَسوَء طَغى ..

مِن أَحَدِ الأُمورِ التَيّ لَنّ استَطيعَ المَغْفِرَة لَها، هو الظُلم الذيّ تَعَرضتُ لَهُ.. وإِعطائِيّ مَواد لَستُ مُلزَمَة عَلى أَخذِها.. وَبَدَلاً مِنَ الاعتِذار أو مُحاوَلَة التَكفير عَن خَطَئِهِم.. اكتَفوا بِالصَمتِ.. بِالطَبعِ في البِدايَة كانوا يَنكُرون بِشكلٍ تامٍ حَتى واجَهتُهُم بِالأَدِلَة ..
العامُ الأَخير.. كانَ الأَسوَء مِن جَميعِ النَواحيّ.. رُبَما كَما يَقولون.. إِنَهُ كُلَما اقتَرَبت مِن تَحقيقِ مُبتُغاك، اشتَدَّتْ الصُعوبَة.. كُل ما تَعبتُ مِن أَجلِه تَبَدَدَ، وكُلُ ما هَدِفتُ لَهُ لَمّ يَتَحَقَقْ.. لكِن! ها أَنا هُنا اليَوّم.. حَقََقَتُ الهَدَفَ الأَكبَر.. بِغَضِ النَظَرِ عَمّا تَعَرَضْتُ لَه.. بِغَضِ النَظَرِ عَن الظُروف.. بِغَضِ النَظَرِ عَن كُلِ شَيّء.. فَلا شَيّءَ يُشبِهُ طَعمَ الانتِصارِ وتَحقيقِ الهَدَف أَياً كانَتْ النتيجة..

وأخيراً .. حان الوَقت لأَِقولَها .. الوَداع يا بوليتَكنِك! وأَعِدُكِ بِأَنَني لَن اشتاقَ لَكِ ولو قَليلاً! وبَعدَ طولِ هذا المِشوار الذيّ بَدَأَ في عامِ ٢٠٠٨ .. أخيراً.. خريجة ٢٠١٤!


شهادة تميز  2008